الدكتور  صلاح البسيوني
الدكتور  صلاح البسيوني


«الزيارة».. قصة قصيرة للكاتب الدكتور صلاح البسيوني

صفوت ناصف

الجمعة، 30 يونيو 2023 - 10:51 ص

 جفا النوم عينه .. هرب منها النعاس .. دب النشاط فى جسده وسرت الدماء  فى عروقه كما لم تسر من قبل .. العيد غدا والكل فرح وسعيد .. أخذ يعد ملابس أطفاله .. يكويها وهى جديدة .. يضعها بجوارهم بالفراش .. يضع بها العيدية نقودا جديدة .. بل ووضع الأحذية والجوارب أيضا بجانبهم كما كان يفعل معه الأهل فى صغره .

 

التفت إلى ملابس زوجته ليكويها ثم يضع بها أيضا العيدية . .يكوى ستائر الشقة ويعلقها لترتدى أيضا" ملابس العيد .. وبعد أن اطمئن على كل شئ أخذ يكوى ملابسه والفرحة تهزه من الداخل .

 

الصباح أشرق وهو لم يجنح إلى النوم .. والكل نيام .. اغتسل وارتدى ملابسه .. همس فى أذن زوجته وهى نائمة كل سنه وأنتي طيبة والأولاد  طيبين .. لن أتأخر فى سفري .. وطبع قبلة حانية وخرج مسرعا فى طريقه إلى بلدته .

 

كان ذلك سر سعادته الغامرة .. نعم كان فرحا بزيارة والده فى بلدته بعد غياب طويل شغلته خلالها حياته وأسرته وعمله .

 

وجاءت الفرصة للزيارة .. وصل القرية فى الصباح وتنقل من بيت إلى بيت إلى آخر يتبادل مع كباره التهاني ويعطى صغاره العيدية إلى أن انتهى به المطاف الى حيث والده .. ألقي عليه السلام وعلى أهل الدار .. لم يسمع الرد .

 

 وانهمرت دموعه فى صمت وهو يتمتم بصوت غير مسموع تتسابق الكلمات على شفتيه دون ان يسمعها أحد .. ثم استدار عائدا إلى حيث أتى .. وعلا صوته قليلا وهو يغادر المكان .. السلام عليكم يا أهل القبور .. أنتم السابقون ونحن اللاحقون .

 

وعندما أوشكت الشمس على المغيب كان قد وصل إلى منزله .. ليحتضن أطفاله ويقبلهم ويداعبهم .. نظر إلى زوجته .. أشاحت بوجهها بعيدا كيف يتركها نصف اليوم وهو عيد .. ونسيت أنه معها طوال سنين .. وان تلك الزيارة القصيرة تأخرت كثيرا .. وبها بعض الوفاء وصله الرحم .

 

ومضى يوم العيد والجو يخيم عليه الخصام .. فهرب بفكره فى صمته يسترجع شريط الزيارة .. وتمنى أن يهرب بجسده إلى حيث أتى .. ليعيد الزيارة ويشعر بالسعادة من جديد .

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة